16 ديسمبر 2009

كرة القدم.. ورقصة الباليه..وأسلاك الكهرباء.. والحروف.. وزخم التعسيق !!

في هذه الدوينة سأحاول أن أكون جادا.. فلقد عاب البعض علي كثرة هزلي.. !!

قيل لي: لماذا تزخم هرابيتك بالتعسيق.. ألا تجيد الطرح الراقي؟ ولمن لا يعرف معنى كلمة زخم فليسأل معاوية الرواحي.. فقد شرحها لي بشكل سلس ومبسّط..

وكان جوابي على السؤال أعلاه شافيا كالتالي: وحدي مااااااعرف؟ بس يالله بحاول؟

وإليكم بعض الهرابيت الخالية من التعسيق خلوّ زيت الطعام من الكوليسترول..وبصدقٍ كمصداقية الإعلانات والتخفيضات.. وبشفافية كشفافية المؤتمرات العربية.. وبجودة كجودة التعليم العام في البلاد العربية.. وبثمن زهيد .. أو مجاني كالغاز العماني الطبيعي المسال.. وبجدية متناهية كما شاهدنا في المعارك الدموية والسياسية الكروية بين بعض الدول العربية... بالله عليكم ... تو هذا مو يقول؟ هذا ما تعسيق؟

****

مذ كنت صغيرا كنت أحب الرياضة.. أرجوكم لا تفهموني غلط. فالرياضة الوحيدة التي كانت متاحة آنذاك، هي كرة القدم. ولمن لا يعرف هذه اللعبة بعد، فإنني أقول أن ليس لها معجبين ومشجعين ولاعبين وحسب، بل لها إتحاد عالمي يتفوق في قدراته الرياضية والإجتماعية والمالية والسياسية على جامعة الدول العربية!!بل على منظمة حقوق الإنسان والحيوان مجتمعين.



هذه الكرة والتي يصفها البعض ب"المستديرة الساحرة"، قادرة على أن تشن النزاعات والخلافات والبغضاء بل والحروب إذا تجمهرت حولها المشاعر التافهة والآراء المتطرفة رغم ما يتم التسويق له من روح رياضية..



تعلقت بهذه اللعبة (كغيري من أقراني) وكوّنتُ علاقة حميمية معها حتى جعلتني على علاقة بها طيلة عمري القصير ربما. تركتها فترة، فاكتشفت حالات من الترهل الجسدي ، حتى أصبحت أشبه ببرميل نفط عراقي رخيص أو إن شئتم بجبل ملئ بالتضاريس التي لم تتأثر بعوامل التعرية بل بأنواع التغذية.

فكرتُ في الامر، فبدأتُ أتابعُ بعض البرامج التلفزيونية والمواقع الإلكترونية التي تركز على كيفية نحت تلك التضاريس المخيفة والمفزعة وباتت تلك البرامج والمواقع تثير إهتمامي، فقد فَقَدَ عقلي سلامته لفقدِ جسمي أناقته. ويسرح في بالي الحديث الذي يقول : "العقل السليم في الجسم السليم".  

****
يلعب خلْفَ خلْف المنزل الكائن خلْف منزلنا بعض الشباب كرة القدم على أرض لا يُعرف لها صاحب ربما لأنها غير مهمة !! فلم أقرر الإنضمام إلى تلك المجموعة الرياضية وحسب، بل قررتُ الإنتماء إليها. أصبح يساورني شعور بالنشوة والزهو  لانني كنت أشعر بأنني سألفت الإنتباه بمهاراتي العتيقة. ولكي أحظى بذلك الإنتباه كان علي أن أشتري آخر الصيحات من أطقم الملابس الرياضية إبتداءا بالكماليات والتي كانت أهم وانتهاءا بالضروريات (اللي مالها لزمة)، ففعلت. ومن جانبٍ آخر،قررت المساهمة في راحة زوجتي وخادمتها بعدم الأكل على الطريقة المعتادة. ولإتمام الخطة إتخذت أيضا قرار الهروب من الولائم الشبابية المغرية والغير منتظمة التوقيت.

****وفي أول لقاء مع شباب الحارة ، إكتشفت أنهم مجموعة من المتهالكين والمترهلين فزاد شعوري بالزهو وكأنني طفل يقف أمام من هو أصغر منه سنا في معركة غير متكافئة. المهم، أنهم لم يلقوا لي بالا عند التوزيع ولم يخيفهم نوعية لباسي الفاخر وحذائي الثمين.

لم يغضبني ذلك فـ" هذا الميدان يا حميدان" وعندما أطلقت الصفارة إعلانا ببدء الإحتفالية الكروية، تذكرت أمجادي حينها وركضت بكل ما أوتيتُ من قوة، كنت أشعر بالراحة والقوة عند إرتطام الهواء بوجنتي الذابلتين. وبعد ذلك ببرهة أصبحت أسمع طرقعات ركبي وعظامي، وقلت في نفسي (كل اللاعبين هكذا) ولكني عندما رأيت أحدهم - وهو يقارب الخمسين من عمره يركض ورائي في خفة غزال ويأخذ الكرة مني بكل سهولة رغم تواضع مهاراته- أدركت المصيبة التي أصبحت أسيرها.. وسقطت، ولكن لم يفرحني الأرتطام هذه المرة . فقد كان ارتطام راسي وكتفي على تلك الأرض الصلبة.

داومت على تلك الحال مع تلك المجموعة التي إستسْهلتْ قدراتي الفنية في الأيام الثلاث الأولى. كنت أعود إلى المنزل لتكافئني زوجتي بـ(غرشة فكس) أدهن بها ما بقي لي من عضلات. المهم، تحول وزني من 78 كيلو الى 72 في شهرين ونصف من لعب الكرة فقط على تلك الأرض الصلبة مع تلك المجموعة الأصلب. كان المشروع أن يصل وزني الى 70 لأنه الأنسب تناسبا مع طولي الفارع !

تعرفتُ بعدها على شباب آخرين، لم يكونوا أكثر لياقة ورياضية وندية وشبابا وحسب، بل وأناقة (يعني ولاد زوات - كما يقول المصريون) والأهم أنهم كانوا يلعبون على ملعب خماسي مُسَفْلَتْ، بمقاييس ملعب كرة يد التي لا أطيقها أبدا. فقررت عدم الإنتماء إلى المجموعة الأولى وإعادة ترتيب الأوليات وتغيير الإنتماءات بالدخول مع هذه المجموعة الحديدية كعادة العرب. وأجمل ما في الأمر، أن مساحة الملعب صغيرة حيث لاتتطلب من الفرد أن يركض كثيرا.. ولذلك إعتمدتُ على عامل الخبرة الذي بهرتُ به هذه المجموعة الشابة التي كانت في حاجة إلى مساحات لم تكن متوفرة في هذا المكان الصغير. المهم بعد أسابيع أصبحت بين مدٍ وجزر.. إلى أن وصلت هدفي فأصبح وزني 70.6 كيلو .. فتوقفت..


لم يكن توقفي بسبب الوصول للهدف.. بل لآنني أصبت في ركبتي وأعتقد أن السبب كان العمر الإفتراضي لعظامي. ذهبت للطبيب الذي قال لي بأنك تحتاج لعملية !!

شهقت.. ماذا؟! فأنا لم أخضع لعملية سوى قلع ضرس لي وأنا صغير.. إنها موضة العصر... فما أن تقول للدكتور صباح الخير.. يرد عليك بنعم إذهب للفحوصات أو الأشعة.. وتعود في المساء لتقول له مساء الخير.. فيقول ببساطة "يالله يا حبيبي لا تضيّع وقتي".. تحتاج عملية.. وخاصة إذا كانت المشكلة في الركبة..

فقررت أن أعتزل ذلك الطبيب وعمليته بل والمستديرة أيضا.. لم أكن أحس بألم أصلا إلا عند جلوس التشهد أثناء الصلاة.. ولذلك أصبحت أتكيء على الجانب الآخر.

****
والآن أقول لا تستسلم للحياة ان تبتلعك، بل بادر بابتلاعها. أوصي الشباب بالرجوع الى كتاب (عش الحياة التي تريدها) لنيكولاس بات. قرأت جزءا منه قبل قترة ، وصدقوني أجده أجمل من قهوة الصباح. ولا عليكم بالمثبطين. لا تقبلوا ان تكونوا حجارة في زمن اصبح فيه اناس مصنوعون من بقلاوة الاخلاق، والماس من المشاريع والنجاح، واناس مدببون برمل وخس وقشور الموز.

هل نأخذ مثالا ؟ كلنا نعرف البرت أينيشتاين... هل تعلمون انه لم يكن في رأي مدرسيه تلميذا متفوقا؟!! ماذا لو منح أينيشتاين اذنه للناس؟

أنت المسؤول عن حياتك وعن سعادتك وعن نجاحك. إلبس ما تحب ما دمت مقتنعا واستند على قلبك وعقلك ودينك. آمن بالفكرة التي يؤمن بها عقلك. كن حرا أو على الأقل حاول. كن كالجبل ما دمت مقتنعا بفكرتك، واذا وجدتها خاطئة فلا عيب أن تغيرها. انت لست رصيف شارع او عمود كهرباء. أنت إنسان، وقد خلقت حرا فقد قال أحدهم:

لا تضع عقلك في زنزانة مليئة بالفئران، ولا ثلاجة حزب ولو كانت ثلاجة من صنع الملائكة !!

هل تعلم أن المهندس أيفل الذي سمي برج باريس بإسمه، عندما فكر في إنشائه، قوبل بالسخرية، ووقعت ضده عريضة من قبل فناني فرنسا، وليس من قبل بائعي الخضرة، لاجهاض مشروعه عن هذه (الفكرة السخيفة). وقد قال الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): "المرء عدو ما يجهل" ، وقال: "لا تصادق الاحمق فهو يريد أن ينفعك فيضرك"، وقال "عدو عاقل خير من صديق جاهل". والمفارقة، أن ملايين اليورهات اليوم تمثل دخلا سياحيا لفرنسا فقط من السواح الذين يهرولون لمشاهدة برج إيفل (الفاشل)! نعم ملايين.

سبحان الله، يقول أحد العقلاء، إن هناك أحياءا يزيدون العالم خسارة، وبالمقابل هناك أمواتا مازالوا يجلبون المال والذهب والمجد لاقوامهم كما هو الحال مع برج إيفل.

يقولون عليك أن تكون كزهرة مصنوعة من فولاذ، وفضاء لا تطير فيه الطيور الميتة، أو على الأقل، كنت أنت. كن مثقفا قبل أن تحصل على شهادة، وقبل المنصب. فالمنصب يذهب وتبقى الثقافة. قد يقال مدير أو ضابط أو معلم أو حتى وزير سابق، ولكن لم ولن يقال أنك مثقف سابق !! فالثقافة أهم.

يحكى أن عباس محمود العقاد لم يكمل الابتدائية، ومحمد الماغوط لم يكمل الاعدادية وغيرهم كثيرون لم نرهم ولكننا ما ولنا نقرأهم ونقرأ عنهم ولهم. الموهوب موهوب، ولو حاربته مجنزرات الفكر، ولو حوصرت حروفه بآلاف المدرعات. فالحروف لها لعبتها وقدرتها على تجاوز كل مفرزات الأمن الثقافية فكن مثقفا عاقلا. ولقد أعجبني تشبيها لأحد المفكرين والمجددين يقول: الحروف قادرة على أن ترقص الباليه على أطراف أصابعها فوق أسلاك كهرباء التخلف. وهناك أيضا من قال: مابدأه نابليون بالسيف سأكمله بالقلم. إذن، دع الخرافة تذوب كزبدة أمام اشعة الشمس، وليس بالضرورة ان تكون نسخة من أبيك أو عمك أو خالك.

صادق العقلاء والعظماء، فان لم تصبح عظيما سيعلق بثوبك جزء من عظمتهم ومجدهم. المهم، كن انت بلا رتوش او مكياج او اصابع مستعارة او ثياب تنكرية على حد تعبير نزار.



يالله في أمان الله أنا بختفي كمين يوم أقصد طوييييلا.. أشوفكم بعد الدورة الصعلوكية التي بصدد تعاطيها قريبا.. في حفظ الله..

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

واخيرا سطع الصعلوك الصغير بداخلك للعيان !!

مرهق ، متعب ، جميل ، مُحب للحياة

مسرح الحياة يقول...

عش الحياة التي تريدها او كما تريدها ، عش حياتك بلا قلق ، عش حياتك حيث تحس انك لا تظلم احد

عش حياتك وعد الى الصعلكة

محفيف يقول...

أبوي عارفينك جاد.. أسلوبك الصعلوكي يدل على أنك جاد وجاد جداً بل هو اسلوب احترافي ويكاد يكون ماركة مسجلة... بالتوفيق أخي العزيز ولا تطول على الشعب

نعيــ( الامير الصغير )ـــم يقول...

تنتظر عودة صعلوك ودفء الصعلكة في هذا الشتاء البارد

عسى خيرا

الباحث يقول...

أتعلم يا صعلوك بـأن هذه المقالة التي كتبتها لكي تقوم النفوس وتزرع الثقة في النفس ما كنت أحتاجه من فترة لفترة لأني والجدير بالذكر ما خططت لشي إلا وأن اصل نصف المشوار وأتراجع بسبب المثبطين لي حتى لحق الفشل بي

ولكن سوف اتخذ كلامك نبراسا لي لأزرع الثقة في نفسي وامشي لأمام لأواصل المشوار.

أشكرك

الباحث